الخميس 11 ديسمبر - 18:40
تأملات فى اسماء الله الحسنى
الحمد لله ذى الإفضال والإنعام ، والمنن الجسام ، والإيادى العظام ، ذى الجلال والإكرام ، الملك القدوس السلام.
،الذى قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف عام ، الذى قدَّر أرزاقهم وآجالهم ، وكتب آثارهم واعمالهم ، وقسَّم بينهم معاشهم وأموالهم ، وعرشه على الماء قبل خلق الليالى والأيام .
، فأبرم القضية ، وقدَّر البرية ، وقال للقلم : اكتب فجرى بما هو كائن فى هذا الملأ على تعاقب السنين والأعوام .ثم خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام .
، ثم استوى على عرشه المجيد بذاته ، منفرداً بتدبير خلقه بالسعادة والشقاوة ، والعطاء والمنع ، والإحياء والإماتة ، والخفض والرفع ، والإيجاد والإفناء ، والنقض والإبرام ، " يسئله من فى السموات والأرض كل يوم هو فى شأن " ، فلا يشغله سمع عن سمع ، ولا تغلِّطه المسائل ، ولا يتبرم بإلحاح الملحين على الدوام .
، يسمع ضجيج الإصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات ، ويرى دبيب النملة السوداء تحت الصخرة الصماء فى الليلة المدلهمة الشديدة الظلام
، لا تسقط ورقة الا بعلمه ، ولا تتحرك ذرة الا بإذنه ، ولا يقع حادث الا بمشيئته ، ولا يخلو مقدور عن حكمته ، فله الحكمة الباهرة ، والآيات الظاهرة ، والحجج البالغة ، والنعمة السابغة على جميع الأنام .
، وسع كل شىء رحمة وعلماً ، وأوسع كل مخلوق فضلاً وجوداً وحلماً ، وقهر كل شىء عزة وحكماً ، فعنت الوجوه لجلال وجهه ، وعجزت العقول عن معرفة كنهه ، وقامت البراهين على استحالة مثله وشبهه : " فهو الأول الذى ليس قبله شىء والآخر الذى ليس بعده شىء ، والظاهر الذى ليس فوقه شىء ، والباطن الذى ليس دونه شىء " ، ذو الأسماء الحسنى والصفات العلى ، وهو مستو على عرشه ، مستول على خلقه ، يسمع ويرى ، كلم موسى تكليما ، وتجلى للجبل فجعله دكاً هشيماً ، فهو الحى القيوم الذى :" لا ينام ولا ينبغى له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع اليه عمل الليل قبل النهار ،وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه " ، فهو أقرب شهيد ، وأعظم رقيب وأرأف رحيم ، حال دون النفوس ، وأخذ بالنواصى ، وكتب الآثار ، ونسخ الآجال ، فأزمِّة الأمور بيديه ، ومرجعها كلها اليه ، فالقلوب له مفضية ، والسر عنده علانية ، والمستور لديه مكشوف ،وكل أحد اليه فقير ملهوف على الدوام.
، فسبحان من نفذ حكمه فى بريته ، وعدل بينهم فى أقضيته ، وعمهم برحمته ، وصرفهم تحت مشيئته وحكمته ، وأكرمهم بتوحيده ومعرفته ، وجعل أهل ذكره أهل مجالسته ، وأهل شكره أهل زيادته ،واهل طاعته أهل كرامته ، وأهل معصيته لا يقنطهم من رحمته ، إن تابوا فهو حبيبهم ، وإن أصروا فهو طبيبهم ، يبتليهم بأنواع المصائب ليطهرهم من الدنس والآثام.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ولا كفو له ، ولا سمى له ، ولا صاحبة له ، ولا ولد له ، بل هو الإحد الصمد الذى تفرد بإلاهيته ، وتوحد بربوبيته ، وتعالى عن مشابهة خليقته ، وأنَّى يشبه العبد المخلوق الملك القدوس السلام .
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وأمينه على وحيه ، وخيرته من خلقه ، وسفيره بينه وبين عباده .
أرسله رحمة للعالمين ، وقدوة للعاملين ، ومحجة للسالكين ، وحجة على العباد أجمعين ، أرسله على حين فترة من الرسل ، ودروس من الكتب ، وطموس من السبل ، حين انقطع خير الوحى من السماء ، وتاه الأدلاء فى دياجى الظلماء ، وغشيت الأرض ظلمات الكفر والشرك والعناد ، واستولى عليها أئمة الكفر وعساكر الفساد ، واستند كل \ قوم إلى ظلمات آرائهم ، وحكموا على الله وبين عباده بمقالاتهم الباطلة وأهوائهم ، فسبل الهدى عافية آثارها ، منحط منارها ، والضلالة قد تصرمت نارها ، وتطاير فى الآفاق شرارها ، وظهر فى أقطار الأرض شعارها ، وقد استحق الناس أن يحل بساحتهم العذاب ، وقد نظر الجبار إليهم فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ، فأطلع شمس الرسالة فىحنادس تلك الظلم ، وأنعم بها على أهل الأرض ، وكانت تلك النعمة عليهم أجل النعم ، فبعث رسوله للإيمان منادياً ، وإلى الجنة داعيا ، وبكل معروف آمراً ، وعن كل منكر ناهياً ، فاستنقذ به الخليقة من تلك الظلمات ، ونور بصائرهم بالآيات المبينات ، وجلا عنقلوبهم صدى تلك الشكوك والشبهات ، وفتح به أعيناً عمياً ، وآذاناً صماً ، وقلوباً غلفاً ، فبلغ رسالات ربه ، وأدَّى أمانته ، ونصح امته ، ولم يدع بابا من الهدى إلا فتحه ، ولا مشكلاً من الدين إلا أوضحه ، ولا خير إلا دل الأمة عليه ، ولا شراً إلا حذرهم منه لئلا يصلو إليه
فاللهم اجزه خير ما جازيت نبيا عن أمته ورسولا عن دعوته
أما بعد : سنتحدث اليوم بإذن الله عن معنى اسم الله الرحمن والرحيم
الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "
الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "
المعنى اللغوى
الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "
الرحمة : هى الرقة والتعطف ، والاسمان مشتقان من الرحمة علىوجه المبالغة
و ( رحمن ) أشد مبالغة من ( رحيم ) ؛ لأن بناء فعلان أشد مبالغة من فعيل ، ونظيرهما نديم وندمان.
وفى كلام ابن جرير ما يفهم منه حكاية الاتفاق على هذا .
واتفق أكثر العلماء على ان اسم ( الرحمن ) عربى لفظه.
وقال ابن الحصار بعد سرده للحديث القدسى : " أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمى ... " فقد دل هذا الحديث الصحيح على الاشتقاق ، فلا معنى للمخالفة والشقاق.
وقال ثعلب : إنه عبرانى الأصل ، وكان رخماناً بالخاء المعجمة .
أما إنكار قريش يوم الحديبية لمَّا قال رسول الله صل الله عليه وسلم لعلى رضى الله عنه :" اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ": فقال سهيل : أما ( الرحمن ) فوالله ماأدرى ماهى ، ولكناكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب " ..
وفى قوله تعالى : " وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا " :
فالظاهر أنه إنكار جحود وعناد وتعنت ، ومما يدل على أنهم كانوا يعرفون هذا الاسم قوله تعالى حكاية عنهم : " وقالوا لو شآء الرحمن ما عبدنهم "
وقد جاء فى بعض أشعر الجاهلية ، كقول سلامة بن جندب الطهوى :
عجلتم علينا إذ عجلنا عليكم .... وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق
وقد رد ابن جرير بشدة على من قال : إن العرب كانت لا تعرف ( الرحمن ) فقال :
وقد زعم أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف ( الرحمن ) : وبين أن ذلك كان جحوداً
الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "
ورود الاسم فى القرآن الكريم
الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "
ذكر ( الرحمن ) فى القرآن سبعاً وخمسين مرة ، منها قوله تعالى : " وإلهكم إله واحد لآ إله إلا هو الرحمن الرحيم "
وقوله سبحانه :" إن كل من فى السموات والأرض إلا ءاتى الرحمن عبداً "
وقوله : " الرحمن على العرش استوى "
وقوله : " الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيرا "
الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "الحلقة الثانية " تأملات فى اسماءالله الحسنى" " الرحمن والرحيم "
وأما اسمه ( الرحيم ) فقد ذكر مائة وأربع عشرة مرة ، منها:
قوله تعالى : " إنه هو التواب الرحيم "
وقوله : " إن الله بالناس لرؤوف رحيم "
وقوله : " إن الله غفور رحيم " وهوكثير فى الكتاب