الإثنين 20 مايو - 0:49
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
المزرعة السعيدة:
أدعوكم
اليوم إلى المزرعة السعيدة لنغرس ونبذر ثم نحصد، ولا أجرؤ على أن أسميها
لعبة المزرعة السعيدة ؛ لأن لعبة المزرعة السعيدة على الشبكة لعبة لتجزية
الوقت، وحصد الريح .. أما ما أدعوكم إليه اليوم فهو فعلا مزرعة سعيدة: من
زرع فيها سعد السعادة الأبدية، ومن بذر فيها بذرة كان نتاجه أمثال الجبال،
نبذر فينبت الزرع ويستوي على سوقه ثم يُحصَد ليأخذ منه ابن آدم
حظه، جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ - وَعِنْدَهُ
رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ - أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ
اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ . فَقَالَ لَهُ : أَلَسْتَ فِيمَا
شِئْتَ ؟ قَالَ : بَلَى وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ . قَالَ :
فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ
فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ . فَيَقُولُ اللَّهُ : دُونَكَ يَا ابْنَ
آدَمَ فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَيْءٌ . فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ :
وَاللَّهِ لاَ تَجِدُهُ إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ
أَصْحَابُ زَرْعٍ ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ ،
فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ذلك هو زرع من
دخلها وحصاده، أما اليوم فإنك تزرع فيها ما شئت قبل أن تدخلها؛ وغراسها
سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر .. يقول النبي صلى
الله عليه وسلم : لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد اقرئ أمتك
السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وإنها قيعان، وغراسها: سبحان الله والحمد لله
ولا إله إلا الله والله أكبر... وهو تنبيه على العمل الصالح جملة، ورأسه
ذكر الله تعالى وما تفرع عنه، من قراءة القرآن الكريم وإقام الصلاة وإيتاء
الزكاة والصوم والحج، والخلق الحسن ...
لكن تمضي على المسلم أوقات فلا
يلتفت لمزرعته ولا يغرس فيها نبتا، ولا يبذر فيها حبا، ولا يتعهد ما غرس
فيها سقيا وريا ، ولا ينزع الأعشاب الضارة التي قد تقضي على ما زرع...
فيهمل تلكم المزرعة السعيدة وينسىاها، وربما أهملها جملة فلم يلتفت إليها
إلا نادرا ..ثم نلعب مزعتنا السعيدة في عالمنا الافتراضي ..ونسميها مزرعة
سعيدة .. فأي المزرعتين أحق بهذه بالتسمية ؟..
وها هو رمضان مقبل علينا
بنفحاته، من بذر فيه بذرة رجي أن تنبت له سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة،
فبادروا إلى البذر والغرس وسلوا الله البلاغ والقبول .
جعلني الله
وإياكم ممن زرعوا فيها فحسدوا، وممن غرسوا فَجَنَوْا ثمارها الطيبة ..
وبلَّغنا جميعا رمضان وجعلنا من أهل الله فيه الذين عمروه بالغرس الطيب في
المزرعة السعيدة...