الخميس 4 أبريل - 8:38
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقال أنه منذ زمن ولى كانت حين تقام الحرب ويخاف الناس على أطفالهم الرضع يقومون بوضعهم على ظهر الخيل ويقومون بربطهم جيدا ثم يطلقون سراح الخيل ، فيحمل الخيل الطفل الى قدره اما الى اسرة تعتني به واما ينطلق الخيل الى صحراء جارفة فيموت الطفل واما الى اسرة تبتاعه في سوق النخاسة بأي ثمن .
في مساء يوم ممطر وقف حصان وبدأ بالصهيل بشكل ملفت أمام دار الحاج أحمد والذي فتح الباب مسرعا ليجد طفلا باكيا -لعله الجوع أو الخوف - أمسك به الرجل باكيا شاكراً وأدخلهم لداره وأغلق الباب ، لم يفهم أحد من المارة ماذا يحدث ومضت الليلة .
في صباح اليوم التالي خرج الحاج أحمد يمتطي الحصان نفسه ذاهبا إلى عمله حيث الفلاحة في الأرض التي ورثها عن أبيه ، وفي طريق العودة مرت به عجوز فقيرة لتخبره أنها لا تملك حتى قوت يومها هي واحفادها اليتامى فأعطى إليها كل ماجمعه من محصول في هذا اليوم والذي كان من المفترض أن يذهب به للسوق ليبتاعه ، استنكر عليه الناس فعلته وبدأوا يشكون في اتزان عقله وعاد لداره .
في اليوم التالي خرج كعادته متجها لأرضه وقد كان الفلاحون حينها يعملون في اراضيهم حتى العصر ثم يذهبون لبيع المحصول في السوق ليتحصلوا على رزق واسع ،لكنه عند الظهيرة حلّ عليه التعب فقرر الذهاب للسوق والاكتفاء برزق بسيط وعند ذهابه كان السوق لازال خاليا الا من القليلين فجاء رجل واشترى منه كل بضاعته بثمن غالي وكأن الحاج احمد قد باع محصول اليوم كاملا ،وذهب واشترى من السوق الطعام والشراب وحتى الكسوة له ولزوجته ولذلك الطفل وحتى طعام الحصان وعاد الى بيته في تعجب شديد من الجيران .
في المساء جاءه الجار ليسأل عن حاله وصحته ومايحدث معه هذه الأيام -فقد توفي جميع أولاد الحاج أحمد قبل عام حين سقطوا في النهر الجاري ولم يجدوهم الا حين طفت الجثث على وجه المياه وحتى الصبي الأخير والذي ولد منذ اسبوع توفي بعد يومين من ولادته ومات الحمار الذي يركبه ذاهبا لأرضه -فضحك الحاج أحمد قائلا عوضني الله عوضني بكل ماطلبته عوضني عن كل مافقدته .
قال الجار باندهاش: كيف !؟
فرد الحاج أحمد : ليلة المطر بكيت كثيرا كثيرا وسألت الله أن يعوضنا اولادا ورزقا وفرحة فدخلت زوجتي وقالت أن ثديها لازال يمطر بالحليب رغم وفاة الرضيع منذ أيام ولم ينقطع الحليب منها وبدأت تبكي وهي تتذكر ما حلّ علينا من مصاب فقلت لها سيعوضك قالت كيف ؟!
فسمعنا حصانا يصهل بشدة ففتحت الباب لأجد رضيعاً باكيا وحصانا قوي فدخلت عليها وقلت أرضعيه فنظرت متعجبة : ما هذا !؟
قلت لها : هذا عوض الله إلينا ولم ينضب حليبك لأنه رزق هذا الطفل فلنتخذه ولداً ... وعوضنا الله عن الحمار بحصان قوي .. كان هذا يوم المطر
في اليوم التالي وبينما أجمع المحصول تذكرت ماحدث فبكيت وناجيت الله قائلا: يارب كما أعطيتني ماطلبت فسخرني لطلب عبد من عبادك ..
وحين عودتي وجدت عجوزا فقيرة لا تملك قوت يومها فعلمت أن الله سخرني في طريقها لأساعدها فأعطيتها كل مالدي رغم فراغ بيتنا من كل شيء سوى خبز جاف وماء قليل .
وفي صباح اليوم حلّ عليّ التعب ولم أجمع سوى القليل من المحصول فارتضيت بقليلي وذهبت للسوق فجاء رجل وقال : أنا من حرس الملك وقد رزقه الله اليوم بالولد الذي يتمناه منذ زمن فأرسلني للسوق وقال لي اول بائع تجده اشتري منه كل المحصول بمئة دينار أياً كان مامعه حتى وان كان قليل -كان يعد هذا المبلغ كثيرا في هذا الوقت - .
ضحك الجار بعدما اقشعر بدنه من رزق الله وعوضه لهذا الرجل الذي فقد كل شيء فأعطاه الله كل مافقد في اسبوع واحد .
في أمان الله
يتغير الانسان وتتغير اولوياته بناءا علي ما يشعر قلبه بالارتياح