الأحد 5 يونيو - 16:38
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
(الأرض) وثيقة الصلة بالإنسان، فمنها خُلق، وعليها يحيا، ومنها يُبعث يوم القيامة. وقد اختارها سبحانه من بين الكواكب العديدة التي بثها في هذا الكون ليعيش عليها الإنسان، ويبتلي الله عليها عباده من أحسن عملاً، ومن أضل سبيلاً.
ولفظ (الأرض) يجمع على (أرضون)، و(أرضات)، و(أروض). ولم يأت في القرآن الكريم بصيغة الجمع، بل جاء في جميع مواضعه مفرداً، قالوا: لثقل وزنه والنطق به، بخلاف لفظ (السماوات).
ولفظ (الأرض) في القرآن الكريم ورد في ثمانية وخمسين وأربع مائة موضع، جاء في جميع تلك المواضع بصيغة الاسم، نحو قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} ]البقرة:30]، وجاء في كثير من مواضعه مقروناً مع لفظ (السماوات)، نحو قوله تعالى: {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ]البقرة:33].
وقد ورد لفظ (الأرض) في القرآن الكريم على عدة معان، منها:
1- بمعنى (الجنة)، من ذلك قوله سبحانه: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} ]الأنبياء:105]، روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}، قال: أرض الجنة. ونحو ذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖفَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } ]الزمر:74]، روى الطبري عن قتادة وغيره، قوله: {وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ }، قال: أرض الجنة.
2- بمعنى أرض (مكة)، من ذلك قوله تعالى: {وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا} ]الإسراء:76]، المراد بـ(الأرض) هنا (مكة) على أصح الأقوال.
3- بمعنى أرض (المدينة)، من ذلك قوله سبحانه: {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّـهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} ]النساء:97]، قال القرطبي: المراد بـ (الأرض) في الآية: (المدينة). ونحو ذلك قوله تعالى: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} ]العنكبوت:56]، قال مجاهد: إن أرضي المدينة واسعة، فهاجروا، وجاهدوا فيها.
4- بمعنى أرض (الشام)، من ذلك قوله سبحانه: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} ]الأعراف:137]، قال قتادة و الحسن البصري: هي أرض (الشام). ومن هذا القبيل، قوله عز وجل: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} ]الأنبياء:71].
5- بمعنى أرض (مصر)، من ذلك قوله سبحانه: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّـهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ]الأعراف:128]، قال القرطبي: أطمعهم في أن يورثهم الله أرض مصر. وعلى هذا المعنى قوله تعالى: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} ]يوسف:55]، قال سعيد بن منصور: سمعت مالك بن أنس رضي الله عنه، يقول: مصر خزانة الأرض.
6- بمعنى (الأرضين السبع)، من ذلك قوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} ]سبأ:1]، قال الطبري: الحمد التام كله للمعبود الذي هو مالك جميع ما في السماوات السبع وما في الأرضين السبع. ونحو ذلك قوله عز وجل: {اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } ]الطلاق:12]. ولفظ (الأرض) بحسب هذا المعنى كثير في القرآن.
وورد لفظ (الأرض) في القرآن الكريم بمعان أخر، أغلبها مستفاد من السياق، كقوله تعالى: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ} ]المائدة:26]، فالمراد هنا أرض التيه، التي تاه فيها بنو إسرائيل. ونحو ذلك قوله تعالى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا} ]الأحزاب:27].