02.08.13 13:25
الشمس والغبار
ألفنا الظواهر الطبيعية حتى أننا قلما نتسائل عن سر حركاتها وطبيعة أدوراها، والشمس وضوئها على الأرض لايكدره سوى سحابات الغبار التي تحجب ضوئها أحياناً فتغرق الأرض في ظلمة تحوي الأمرين (الظلمة والاختناق)، صورة أخرى من صور صراع الطبيعة، يراها أهل البراكين في اللابات الملتهبة المتكسرة في أعماق المحيط ويراها أهل الصحراء في الشمس والغبار. هذا الصراع يكاد يشبه صراع العاملين في المجال الواحد من بني البشر، فللشمس رأيها وللغبار رأيه كذلك.. وكل عنصر يرى صحة توجهه.. الفرق أن عناصر البيئة تتكامل.. بينما تتعارض العناصر البشرية لتشعل القتال.. متناسين إيجابيات الطرف الآخر، ودوره التكميلي في منظومة العمل.
الحقيقة موجودة كالشمس ولكن الغبار يشوهها، أو هكذا تنظر الشمس للأمر، بينما يرى الغبار أنه يقوم بأدوراه الفذة في التصدي للآفات المنتشرة في المحيط الهوائي من حولنا.. والأمر لايخلو من صدق في موقف كل طرف، فكل عامل يرى الحق معه وأنه صاحب السبق والأقرب للمنهج السليم إن لم يكن صاحبه.. ولا تخلو هذه الاعتراضات والأعمال العشوائية في ظاهرها من إزعاج للصف وتعريض أفراده للخطر ومنها أن الصدر يضيق والنفس يتأثر بموجات الغبار العازمة على الإصلاح مخطئة في الأسلوب أو الوسيلة، تماماً كما يحدث في مناصحة أو مواجهة تقع بين طرفين وصفهما الله “طائفتان من المؤمنين”.
وبالمقابل فتميز كل عنصر بخصائصه سيغطي الاحتياجات الإنسانية، فالشمس تبعث الدفء لتنمو كائنات دقيقة يقتلها الغبار قبل أن تتسبب في انتشار الأمراض.
هكذا يبدوا صراع العمل التربوي الطبيعي، بين عناصر متفرقة مختلفة المميزات تأبى التكامل وتصر على الاستقلال، ولو تأملت قليلاً لعلمت أن للشمس مداراتها وللماء بحاره وللغبار أجوائه.. وكل عنصر منها سيؤثر في موقعه ولكنه لن يؤثر في العنصر الآخر مهما طال الصراع.. وسيبقى الضرر الوحيد في ضياع القوت وغفلة المهتمين عن ايجابيات العاملين.