الأحد 26 مايو - 15:31
تأليف القلوب
لقد بُعث النبي صلي الله عليه وسلم وهاجر إلى المدينة وما بين قومين من الشر كما بين الأوس والخزرج في المدينة حروب متطاحنة ليس لها عد ولا نهاية تُحد لكن اسمع إلى الله وهو يقول {لوْ أنفقْت ما في الأرْض جميعا ما ألفتْ بيْن قُلُوبهمْ ولـكن الله ألف بيْنهُمْ}الأنفال63
ولو تدخل الشرق والغرب بعروضهم السخية وأموالهم وفرصهم ومساندتهم لن يستطيعوا أن يؤلفوا بينهم إلا إذا شاءت إرادة الله وإرادة الله من الذي يُحركها؟ أنتم {لهُم ما يشاءُون عند ربهمْ}الزمر34
لو اجتمعنا ولو قلة قليلة ونزهنا قلوبنا عن الميل إلى هذا أو ذاك وهؤلاء أو هؤلاء ودعونا الله بصدق وإخلاص ووفينا ببعض أعمال الخواص في هذه الأيام من صيام وقيام وذكر لله وصلاة على رسول الله وانشغلنا بهذه الأعمال التي تستوجب العطايا والنوال من الواحد المتعال ثم دعونا الله لاستجاب لنا الله جل في علاه فأنتم عليكم الآن إطفاء هذه الفتنة ليس بمساعيكم لأنكم ضعفاء أمام هؤلاء لكن بتوجهاتكم إلى الله وبلفت نظر الخلق إلى ما كان عليه أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار الذين يقول فيهم الله {أُوْلـئك الذين هدى اللهُ فبهُداهُمُ اقْتدهْ}الأنعام90
فإذا خطبت الجُمعة أو طُلب منك إلقاء كلمة أو درس أو موعظة أو نصيحة حتى ولو لرجل تجالسه أو لسمير تؤانسه أو زميل في العمل تخالطه وتكلمت عن ذاك غيرت ما بقلوب الناس وجعلتهم يتجهون إلى الله لكن لو كان الكل يخوض {وكُنا نخُوضُ مع الْخائضين }المدثر45 فمن يدعوا؟ ومن يسأل؟ ومن يُلح في الدعاء؟ ومن يكرر الرجاء لله غير هؤلاء الذين نحسبهم قريبين من الله بقلوبهم لصفاء نواياهم وقصودهم؟ فالصالحون أشبه الناس بصحابة رسول الله يكفي أنهم داخلين في قول الله {يدْعُون ربهُم بالْغداة والْعشي يُريدُون وجْههُ} الكهف28
لا يطلبون وزارة ولا مال ولا دنيا وإنما يطلبون جميعا رضاء الله ويكفي هذا في التشبه بأصحاب رسول الله على قدرهم ولهم جاه عند الله إن شاء الله فلا بد أولا - لنُحقق المرام – أن نهجر جميع الذنوب والآثام ولذلك أناشد إخواني جميعا إن كان في أحاديثهم مع بعضهم أو مع غيرهم أو من يتجول على مواقع النت منهم ألا يخوضوا في أحد لا في هؤلاء ولا في هؤلاء فنحن شعارنا نُجمع ولا نُفرق ونُؤلف ولا نثير فتن ونجمع الناس على الحب ونحاول أن نستل من صدورهم الشحناء والبغضاء
قد تقول إنك على الحق وتعرف الحق لكن أنت عرفت الحق من كلام الخلق إن كان من الصحف أو الفضائيات أو الإذاعات وقد قال صلي الله عليه وسلم عندما جاءه متخاصمان {إنكُمْ تخْتصمُون إلي ولعل بعْضكُمْ ألْحنُ بحُجته منْ بعْضٍ فمنْ قضيْتُ لهُ بحق أخيه شيْئا بقوْله فإنما أقْطعُ لهُ قطْعة من النار فلا يأْخُذْها}[1] لأنه يقضي بالحجة التي أمامه وليس بما يعلم فأنت غير مأمور بمناصرة هؤلاء ولا معاداة هؤلاء وإنما نحن حمامة السلام ورمز الوئام الذين يجمع الله بنا في هذا الزمان أهل الإسلام على منهج الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام
[1] الصحيحين البخاري ومسلم وسنن الترمذي
منقول من كتاب [أمراض الأمة وبصيرة النبوة]